Saturday, March 31, 2012

سفاح تولوز و الدعم الوطني



من جديد صُدِمَ العالم بحادث إرهابي آخر إستهدف المدنيين العزل. حادث كان من بين ضحاياه أطفال أبرياء لا علاقة لهم بأي صراع سياسي أو ديني في العالم، مجرد أطفال أبرياء كان ذنبهم الوحيد أنهم قصدوا مدرستهم بكل براءة في ذلك اليوم التعيس. أولئك الأطفال ذهبوا ضحية الكراهية و الإرهاب اللذان لا يفرقان بين صغير أو كبير، ناشط سياسي أو غير ناشط، عسكري أو مدني، متدين أو غير متدين.
هذا العمل الجبان لم يفاجئني كثيراً بقدر ما فاجأني الدعم الذي تلقاه القاتل محمد المراح، ليس من قبل الكثير من الجزائريين فقط، و لكن في جميع أنحاء العالم العربي و المسلم. العديد من مساندي هذا العمل الإرهابي من الجزائريين شعروا بأن مساندة محمد مراح تعتبر واجباً وطنيا، و ذلك لمجرد أنه ذو أصول جزائرية، على الرغم من أنه ولد و نشأ في فرنسا و لم يزر الجزائر في حياته قط.
موقف الصحافة الجزائرية مقارنة بمواقف الكثير من الجزائريين كان يحمل مفارقة غريبة. حيث أنه بينما كانت الصحافة الجزائرية تشن حملة شعواء ضد وسائل الإعلام الفرنسية لتركيزها على الأصول الجزائرية لمحمد مراح أكثر من أي شيء آخر – حسب إدعاء تلك الصحف- كان الكثير من الجزائريين ينشؤون صفحات على الفيسبوك لدعم القاتل و عمله الإجرامي، فقط لمجرد أنه ذو أصول جزائرية. الكثير منهم جعل من دعمه بمثابة أمر إلزامي على كل جزائري إنه هو أراد إثبات جزائريته، و البعض منهم ذهب بعيداً إلى حد مقارنته بأبطال ثورة التحرير الجزائرية و قاموا بنشر صور معدلة له مع العلم الجزائري.
هنالك بعض الأشخاص الذين يشعرون بأن إستخدام محمد مراح لأطفال غزة كمبرر لعمله الإجرامي يعتبر سبباً مشروعا و مفهوماً، و بعض أولئك الأشخاص هم للأسف من وسائل الإعلام التي كانت تتابع الحدث و تحلله. لا يمكنني أن أفهم كيف لإنسان يحمل ولو ذرة من الإنسانية أن يساند أو يحاول تبرير مثل هذا العمل الإجرامي ضد أطفال أبرياء، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم ( و هي أسباب لا تبرر الكراهية، فمابالك بالقتل).
في اليوم التالي للحادثة، و بينما كان القاتل محاصراً من قبل قوات الشرطة الفرنسية في منزله، كنت أجلس على كرسي الحلاق في صالون للحلاقة. كانت تلفزة المحل تبث تقريراً على قناة جزائرية يتحدث عن مستجدات القضية، و بينما كان المذيع يتحدث، نطق أحد عمال المحل قائلاً "إنه بطل! عمل رائع!" لم أصدق أذني و أنا أستمع لتلك العبارة و لم أتمالك نفسي من الإنفجار في وجهه قائلا "ماذا قلت للتو بحق الجحيم؟" لم تكن لدي أي معرفة بالشخص و أحاول دائما تجنب الدخول في حوارات مع العامة، و لكنني لم أتمكن من إلتزام الصمت هذه المرة. أردفت قائلا "إنهم أطفال!" رد علي قائلا و كأنه لم يصدق أن أحداً كان سيعارضه "إنهم يهود" رددت عليه بصوت حاد "إنهم أطفال بحق الجحيم! كيف يمكنك أن تقول مثل تلك العبارة لوصف شخص قام بعمل إرهابي جبان مثل ذلك في حق أطفال أبرياء؟" رد علي قائلا "ألم تر ماذا فعلوا بالأطفال في غزة؟" (و هي عبارة أسمعها دائما بمناسبة و بدون مناسبة، سواء كان الموضوع حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو حول كيفية صنع البقلاوة) سألته "أي عذر هذا؟ لمجرد أنك تعتقد أنهم إستهدفوا أطفالاً، تقوم أنت أيضا بإستهداف الأطفال؟ ألا يجعلك هذا بنفس مستوى السوء الذي تدعي أنهم عليه؟" قال لي "إنهم يهود! يستحقون ذلك!" رددت عليه بصوت أشد حدة و إرتفاعاً هذه المرة "إنهم أطفال بحق الجحيم! هل أنت مجنون؟ إنهم أطفال لا يمكنهم حتى ربط أحذيتهم بمفردهم بعد! كيف يمكنك أن تساند إستهدافهم بسبب معتقدهم أو عرقهم؟ و في فرنسا!" في هذه اللحظة كنت في نوبة غضب عارمة و أعتقد أن وجهي إحتقن بشدة. لم يرد هذه المرة لأنه إعتقد أنني على وشك إيذائه جسديا، و هو شيء لا أقوم به إطلاقاً.
عندما إستمر صمته، سألته "ماذا فعلت للشعب الفلسطيني الذي تتحدث عنه دائماً؟ أنت، كشخص، ماذا فعلت بحق الجحيم للفلسطينيين عدا جعل حياتهم أكثر صعوبه بخطاب الكراهية هذا الذي توزعه في كل مكان لمجرد أن الكلام مجاني؟ لو كانت الجزائر في مكان الأردن أو مصر لكانت أولى الدول الموقعة لمعاهدة سلام مع إسرائيل" أضفت العبارة الأخيرة لأن الكثيرين في الجزائر يرددون دائما أنه لو كان للجزائر حدود مع إسرائيل لكانت فلسطين حررت و إسرائيل تلاشت من على الوجود، جاعلين الأمر يبدو غاية في البساطة و السهولة ، و كأنه لهم رأياً فيما يمكن للحكومة الجزائرية القيام به و مالايمكنها القيام به.
من الإنصاف أن أذكر أنني رأيت نماذج مشابهة و لكن بشكل أقل في جماعات دينية و عرقية أخرى تجد المتعة في مقتل أطفال الآخرين لمجرد أنهم عرب أو أفارقة أو لمجرد أنهم من عرق آخر، لكن لأن هدفي يبقى دائما محاربة التطرف و الإرهاب المُرتكب من قبل أطراف يحملون نفس هويتي الوطنية و الخلفية الثقافية، لذلك تركيزي هنا هو على ردة فعل الجزائريين و العرب المسلمين للمجزرة التي إرتكبها محمد مراح. هؤلاء هم الأشخاص الذين أسعى إلى تغيير طريقة أفكارهم و تنظيف عقولهم من التطرف.
طيلة الوقت الذي أمضيته صارخاً في وجه ذلك الشخص، كانت صور الضحايا في ذهني، و خاصة الفتاة ميريام و التي أثرت صورتها و هي ترتدي الفستان الأبيض و نظرتها الملائكية في نفسي كثيراً (قمت بإنشاء صفحة لإحياء ذكراها على الفيسبوك). أولئك الأطفال ووالدهم لم يستحقوا الموت بتلك الطريقة البشعة. لقد كانوا أشخاصا مسالمين و أبرياء يعيشون حياة سعيدة دون إيذاء أي شخص، قبل أن يأتي كره الإرهابيين و الإسلامويين لكل شيء يهودي و يدمر تلك الحياة و تلك البراءة الطفولية. أولئك المتطرفون يستمرون بالقيام بذلك مستخدمين شماعة "العداء للصهيونية و ليس لليهودية" كغطاء لتلك الكراهية ضد اليهود ككل و على أسس دينية و عرقية بحتة، و هو أمر يمكن لأي مراقب محايد أن يراه بوضوح.
تحليل الصحافة الجزائرية لأخبار تلك المذبحة كان أسوأ من الأخبار ذاتها، فعوض التنديد بذلك العمل الإجرامي و إدانته بدون تردد، راحت تطرح أسئلة قديمة على غرار "لماذا ينقلب العالم رأساً على عقب كلما يموت يهودي، بينما لا يحدث شيء عندما يموت المسلمون؟" حسناً، سأقوم أنا بإجابة ذلك السؤال. أعتقد أن العالم ينقلب رأساً على عقب كلما مات يهودي أو قتل لأن اليهود يقدرون حياتهم و لا يريدون رؤية أي منهم يموت قبل الأوان و لأي سبب من الأسباب، بينما الكثير من العرب و المسلمين لا يتوقفون عن تكرار مدى رغبتهم في الموت، سعيهم في سبيل الموت، و تمنيهم الموت. الكثير من العرب و المسلمين لا يعطون للحياة البشرية أدنى إهتمام، سواء كانت حياة مسلمين آخرين أو غير مسلمين. لم أر إلى يومنا هذا شخصا يهودياً واحداً يقول أنه يتمنى أن يموت أو يُقتل، أو أنه لا يمانع مقتل أولاده في سبيل أهدافه و غاياته، بينما أسمع ذلك بشكل شبه يومي على الجانب العربي و المسلم. لم أرى إلى اليوم إنتحارياً يهوديا واحداً، بينما أعداد الإنتحاريين المرتقبين الذين تتباهى بهم حماس و القاعدة مثير للقلق. اليهود ليسوا هم من يقول أن أولادهم سيذهبون إلى الجنة و يصبحون طيوراً هناك، و بالتالي لا مشكلة في موتهم، العرب و المسلمون هم من يقول ذلك. هل يمكن لأي شخص أن ينكر هذا؟ أرجوا المحاولة لأنني أملك مكتبة وسائط متكاملة تساند كل ما ذكرته هنا.
مثال آخر حول مدى تقدير اليهود لحياتهم رأيناها في صفقة جلعاد شاليط، حيث من أجل إنقاذ حياة شخص واحد، قامت إسرائيل بإطلاق سراح أكثر من 1,000 سجين من أسوأ المساجين لديها. أحد أولئك المفرج عليهم كان إمرأة ساندت في تنفيذ عملية بيتزا سبارو الإنتحارية و التي كان من بين ضحاياها ثمانية أطفال. بعد الإفراج عنها، أجريت مقابلة معها حيث سألها المعد إن كانت على علم بعدد الضحايا الأطفال في عملية سبارو التي قامت بدور محوري فيها، و كان ردها أن إبتسمت و قالت أعتقد ثلاثة. حينها أخبرها المعد أن عدد الضحايا الأطفال كان ثمانية، و هو ما جعل إبتسامتها تزيد إتساعاً و هي تكرر الرقم و كأنها تفتخر بجهدها الذي تسبب في مقتل ثمانية أطفال أبرياء.
رد فعل بعض الجهات الإعلامية في فرنسا لم يكن في المستوى المطلوب، خاصة عند مقارنته بحجم الجريمة. في رأيي، ما جعل التغطية الفرنسية أسوأ هو تعليقات بعض المسؤولين الفرنسيين الذين منعهم خوفهم من أن ينعتوا بالعنصرية أو العداء للإسلام من أن يوجهوا الأصابع نحو المشكل الحقيقي. رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون ذهب إلى حد القول بأن "الإنتماء للمنظمة السلفية ليس في حد ذاته جريمة". هل هو فعلا جاهل لحقيقة أن الفكر السلفي يمثل أحد أهم أسباب التطرف في العالم العربي و المسلم، خاصة و أن الكثير من الجماعات الإرهابية تحمل خلفيات سلفية. تقنياً، الإنتماء لذلك الفكر قد لا يكون في حد ذاته جريمة، و لكن تجاهل تأثير الفكر السلفي على الجماعات الإرهابية المعاصرة كان تصرفا لا مسؤولاً. حتى السلفيون الذين لم يرتكبوا أي أعمال إرهابية – بعد – يحملون فكراً يجعل لديهم القابلية لممارسة الإرهاب و لا مشكلة لديهم في تبرير الإرهاب. أمثلة التطرف السلفي في العالم المسلم لا تكاد تنتهي، بداية من السعودية، مرورا بمصر، و إنتهاءاً بالجزائر.
تصريح رئيس الوزراء الفرنسي يشير إلى أنه هناك خللا ما في الطريقة التي تتعامل بها فرنسا مع الإرهاب، و هو تصريح جاء ليظهر أن فرنسا أصبحت خائفة من التعامل بحزم مع المتطرفين إلى الحد الذي جعلها تخاف من رد فعل المساندين للإرهاب أكثر من خوفها من ردة فعل عائلات ضحايا الإرهاب.
ختاماً، إنه من المحزن فعلا أن نرى أناساً تدعم قتلة جماعيين في أي مكان، سواء في فرنسا، أفغانستان أو النرويج. جرائم بهذه البشاعة تعطي عامة الناس سبباً آخر للوقوف صفاً واحداً في وجه الإرهاب و التطرف، و تعطي الناس الذين يسعون من أجل تحقيق السلام سببا للتوحد من أجل محاربة العدو المشترك: الجهل!

Saturday, March 24, 2012

عجائب الدنيا سبع كما نعلم، ولكن هناك ” عجيبة العجائب” ألا وهي الأمة المسلمة

بقلم: د. أحمد البغدادي
كاتب وأستاذ جامعي كويتي


1- الأمة الوحيدة التي ترى أنها الوحيدة بين الأمم على حق وفي كل شيء، وأن الآخرين على باطل.


2- الأمة الوحيدة التي تطلق سراح أو تخفف العقوبة الجنائية للمجرم إذا كان مسلما وتمكن من حفظ بعض سور القرآن الكريم.


3- الأمة الوحيدة التي يمكن لرجل الدين فيها الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا وصف أحد الخصوم بالمرتد.


4- الأمة الوحيدة التي لا تقتل القاتل إذا أثبت أنه قتل مرتدا.


5- الأمة الوحيدة التي تعامل القاتل بالحسنى بالعقوبة المخففة إذا قتل أخته أو زوجته من أجل الشرف.


6- الأمة الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة " أقرأ"، ومع ذلك تعد من أقل أمم الأرض قراءة للكتب. أو بالأصح لا تقرأ.


7- الأمة الوحيدة التي لا تزال تستخدم كلمة التكفير ضد خصومها المعارضين لرجال الدين والجماعات الدينية.


8- الأمة الوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون، وتدعي بكل صفاقة أنها دولة قانون.


9- الأمة الوحيدة التي لا تساهم ولا بصنع فرشاة أسنان في العصر الحديث، ومع ذلك تتشدق بحضارتها البائدة.


10- الأمة الوحيدة التي تشتم الغرب وتعيش عالة عليه في كل شيئ.


11- الأمة الوحيدة التي تضع المثقف في السجن بسبب ممارسته حرية التعبير.


12- الأمة الوحيدة التي تدعي التدين وتحرص على مظاهره رسميا وشعبيا ومع ذلك لا يوجد بها أمر صالح.


13- الأمة الوحيدة التي تعطي طلابها درجة الدكتوراه في الدين.


14- الأمة الوحيدة التي لا تزال محكومة بكتب الموتي من ألف عام.


15- الأمة الوحيدة التي يداهن فيها رجال الدين الحكام ويسكتون عن أخطائهم حتى ولو كانت شرعية وضد الدين.


16- الأمة الوحيدة التي لا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.


17- الأمة الوحيدة التي تحرم جميع الفنون الإنسانية، ولا تعترف سوى بفن الخط.


18- الأمة الوحيدة التي تشترك في دين واحد ومع ذلك لا تتفق الجماعات الدينية فيها على رؤية واحدة لأحكام هذا الدين.


19- الأمة الوحيدة التي يهذر فيها رجل الدين كما يشاء ثم يختم كلامه ب " والله أعلم"، وكأن الناس لا تعلم ذلك.


20- الأمة الوحيدة التي لا تزال تؤمن بإخراج الجن من جسد الآدمي حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل.


21- الأمة الوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال.


22- الأمة الوحيدة التي ينطبق عليها وصف الخالق سبحانه " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى".


23- الأمة الوحيدة التي تسأل في قضايا الدين وتبحث عن إجابات ترضيها منذ لا يقل عن ألف عام.


24- الأمة الوحيدة التي لديها شهر صيام واحد في العام تتكرر فيه أسئلة الجنس أكثر من أسئلة العبادة.


25- الأمة الوحيدة التي تصدق كل ما يقوله رجل الدين دون تحقيق علمي.. هذه الأمة وبكل هذه الصفات الفريدة، ألا تستحق أن توصف بأنها......." عجيبة العجائب"؟

Thursday, March 15, 2012

تجار غزة في معركة الأسد

"أتحدى أن يخرج لنا أحد من حماس أو غيرها في غزة بإجابة مقنعة عن: لماذا من الأصل تم إطلاق الصواريخ «التنكية»؟ ولمصلحة من تُزهق أرواح الفلسطينيين بهذا الشكل المزري؟" طارق الحميد، جريدة الشرق الأوسط.


بينما العالم في حالة ذهول من المجازر التي وقعت، وتقع، بحق السوريين على يد نظام بشار الأسد، كانت الصواريخ «التنك» تنطلق من غزة على إسرائيل.. والإسرائيليون، بالطبع، قاموا برد عنيف، وفجأة قيل إن المصريين توسطوا فهدأت الأمور، وأعلنت حماس أنها معنية بتلك التهدئة! لكن لماذا حدث ما حدث؟ ولماذا قبلت الوساطة المصرية أصلا؟
أتحدى أن يخرج لنا أحد من حماس أو غيرها في غزة بإجابة مقنعة عن: لماذا من الأصل تم إطلاق الصواريخ «التنكية»؟ ولمصلحة من تُزهق أرواح الفلسطينيين بهذا الشكل المزري؟ فموازين القوة غير متكافئة بين حماس، أو الجهاد، وبين إسرائيل، والعرب كلهم مشغولون في محاولة حماية الدم السوري من طاغية دمشق، هذا عدا عن أن جُل الدول العربية مشغولة بنفسها اليوم، والعالم مشغول كذلك بوقف المجازر التي تقع بحق السوريين!
أمر محير، ولافت للنظر، والمحير هو حجم استرخاص الدم الفلسطيني، واللافت أنه من الواضح اليوم أن الانقسام الحاصل داخل حماس بات يكبر؛ فيبدو أن من سعى لتقسيم الفلسطينيين يوم انقلبت حماس على السلطة يسعى اليوم لكي تنقلب حماس على نفسها أيضا، وينقلب عليها حلفاؤها التابعون أساسا لإيران، وإلا فكيف يمكن أن نفهم دعم إسماعيل هنية المعلَن للثورة السورية، ثم نرى حماس تُقحم غزة في معركة غير متكافئة، ولا مستحقة، مع إسرائيل الآن؟ فما الذي تحقق من إطلاق تلك الصواريخ؟ وما الذي تحقق أصلا بعد الوساطة المصرية؟ فالواضح أن عمليات إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل كانت تهدف لخدمة إيران والأسد. لكن، أوَلم يسأل كل من حماس والجهاد وغيرهما، في غزة، أنفسهم سؤالا بسيطا جدا وهو: لماذا لم يهب حزب الله للدفاع عن بشار الأسد، بينما يتم فعل ذلك من غزة؟ لماذا لم يضحِّ حزب الله بمقاتل واحد دفاعا عن الأسد أمام إسرائيل، بينما تُزهَق أرواح الأبرياء في غزة لمحاولة تشتيت الأنظار عن الجرائم الأسدية في سوريا؟
فمحزن أنه بينما يدعم حزبُ اللهِ وإيرانُ الأسدَ، بالمال والعتاد والرجال، ويمعنون بقمع السوريين العزل، تقوم حماس وحلفاؤها بمحاولة إحراق غزة فقط من أجل إنقاذ الأسد الساقط لا محالة. وعندما نقول إنه أمر محزن ومخزٍ فلأسباب بسيطة وواضحة؛ فمحاولة إشعال غزة في هذا التوقيت تدل على أن حماس، وغيرها، لا يكترثون بدماء السوريين، والمجازر الواقعة بحقهم، التي أصابت العالم العربي، والعالم كله، بالفزع والأسى، كما أنهم أنفسهم، حماس والجهاد وكل حلفاء إيران بغزة، لا يكترثون أيضا بدماء أهل غزة، بل إنهم يتاجرون بها، للأسف، دفاعا عن نظام يقتل الأطفال والنساء، ويدمر بيوت الله.
وعليه، فمن الواضح أن تجار غزة، تجار الدم الفلسطيني، يحاولون خوض معركة الأسد الذي قتل نظامه من الفلسطينيين ما قتل، بينما حزب الله وإيران مشغولان بدعم الأسد أيضا في القضاء على الثورة السورية. فإلى متى هذا العبث بالدم الفلسطيني؟ الله أعلم!

Monday, March 12, 2012

مبدأ "التقية" 2


  
كلمة "التقية"  تأتى من "وقاية" فمبدأ التقية فى الإسلام هو أن يكذب المسلم بلسانه ليقى نفسه أو يقى المسلمين من الضرر. هذا المبدأ يعطى المسلم الحرية أن يكذب فى ظروف يظن فيها أن حياته مهددة. فيمكن للمسلم أن يكفر بالإيمان طالما يقول ذلك بلسانه ولا يعنيه فى قلبه. هذا المبدأ مبنى على ما ورد فى هذه الآية القرآنية:

          "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء (أصدقاء) من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير". سورة آل عمران 28:3.

          بناء على هذه الآية يمكن للمسلم أن يتظاهر بمصادقة الكفار (وهذا ضد تعاليم الإسلام) ويتظاهر بمراعاة كفرهم حتى يتقى شرهم "إلى أن تتقوا منهم تقاة".

          وبناء على هذا المبدأ فإن المسلم من حقه أن يقول أى شئ بل ويرتكب الكثير من المحرمات طالما أنه لا يقتل إنساناً آخراً. وهذه أمثلة لما يحل للمسلم تحت مبدأ "التقية".  فيمكن للمسلم أن:  

- يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتوقف عن صوم رمضان.

          - يعلن كفره بالله.

          - يسجد لغير الله.

          - يحلف اليمين كذباً.


عواقب تطبيق مبدأ "التقية"

          من المؤسف أنه فى التعامل مع المسلمين يجب أن نضع فى الأذهان أن هناك من المسلمين من يمكن أن يقول شيئاً بلسانه بينما يعتقد فى قلبه شيئاً آخر. وبمعنى آخر أكثر صراحة أن الإسلام يبيح للمسلم أن يكذب فى أى وقت يعتقد أن حياته أو حياة المسلمين مهددة.

          فى مجال السياسة الدولية يجئ السؤال: هل يمكن تصديق الدول الإسلامية فى أنها ستنفذ ما وعدت به عندما توقع الاتفاقيات مع الدول غير الإسلامية؟ هذا مع أنه من المعروف فى الإسلام أن المسلم عندما يكون ضعيفاً من حقه أن يوافق على أى شئ. ولكن بعد أن يقوى فله أن يتراجع عن ما تعهد به قبلاً.

          هذا المبدأ الذى  يجيز الكذب فى سبيل الإسلام له عواقبه الخطيرة فيما يتعلق بنشر الإسلام فى الغرب. فقد رأينا كيف أن دعاة الإسلام يقومون بخطط خادعة فى محاولتهم لصقل صورة الإسلام وجعله أكثر جاذبية. إنهم يحرصون على استبعاد كل التعاليم السلبية التى يمكن أن تنفر الإنسان الغربى من الإسلام.

          وكمثال لمحاولات الخداع هو محاولة دعاة الإسلام أن يقتبسوا دائماً من القرآن المكى  الآيات التى تدعو إلى السلام  والتسامح مع من لا يؤمنون بالإسلام. هذا بينما هم يعلمون أن معظم هذه الآيات قد تم نسخها (استبدالها) بآيات أخرى نزلت فى المدينة وتدعو إلى القتل والعنف مع غير المسلمين.

          وفى الختام إنه من المهم أن نفهم ان الإسلام يعطى المسلم هذا المخرج فى عقيدته ليعفى نفسه من المسئولية. من المهم أيضاً أن نفهم أن ما يقوله دعاة الإسلام لنشر دينهم ليس دائماً كل الحقيقة.

 فى تعاملنا مع المسلمين يجب أن ندرك أن ما يقولونه ليس هو المهم. ولكن المهم هو ما يقصدونه فعلاً فى قلوبهم.

مبدأ "التقية"

    الإسلام شأنه مثل معظم الأديان، يحرّم الكذب. يقول القرآن فى سورة غافر 28:40  "إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب". ويقول نبى الإسلام فى الحديث "كن صادقاً فالصدق يؤدى إلى الصلاح والصلاح يؤدى إلى الجنة. احذر الكذب فالكذب يؤدى إلى الضلال والضلال يؤدى إلى النار".

          ولكن إختلافاً عن معظم الأديان، هناك حالات خاصة، لا يبيح الإسلام فيها الكذب فقط بل أيضاً يشجعه. جاء فى كتاب "روح الإسلام" الذى كتبه الداعية الإسلامى "عفيف طبارة"  ليدعو الناس فيه إلى الإسلام، صفحة 247 ما يلى: "ليس الكذب دائماً سيئاً. فمن المؤكد أن هناك حالات يكون فيها الكذب أكثر فائدة من الصدق للصالح العام ولفض النزاع بين الناس.  وفى هذا الصدد يقول النبى: لا يضل من يصلح بين الناس (بالكذب)، ومن يؤيد الصلاح  ويقول ما هو صالح".

          وقبل أن نسترسل فى بحثنا عن هذه الازدواجية فى الإسلام، سنتعرض أولاً لبعض الأمثلة من التاريخ الإسلامى الحديث والقديم. هذه الأمثلة توضح لنا أن الكذب هو سياسة شائعة بين شيوخ الإسلام وقادته السياسيين.

          فى يونيه سنة 1967 هزمت إسرائيل مصر فيما أطلق عليه "النكسة" أو "حرب الأيام الستة"، ومعها فقدت مصر شبه جزيرة سيناء. منذ ذلك الوقت أصبح هدف مصر الأول هو إستعادة هذه الأرض. وقد تبنى الرئيس عبدالناصر ومن بعده الرئيس السادات الشعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة". ونتيجة لمتطلبات الإعداد للمعركة فإن المجندين الذين استدعوا فى سنة 1967 قد ظلوا فى الخدمة عدة سنوات انتظاراً للمعركة التى كان من المتوقع أن تبدأ فى أى يوم. ومع ذلك مرت عدة سنوات وأصبح المصريون غير متقبلين لحالة "اللاحرب واللاسلام" التى طال مداها. وفى سنة 1972 أعلن الرئيس السادات أنه قد قرر أخيراً أن يقوم بمعركته المرتقبة. وخلال العام كان يقول "أقسم بشرفى أنه لن يمر هذا العام (1972) إلا ونقوم بالمعركة". وقد صدقه الناس لأنه أقسم بشرفه. ولكن مر عام 1972 دون أن يطلق السادات طلقة واحدة. ونتيجة لذلك بدأ الناس يعتقدون أن كلام السادات كان هو مجرد "تهويش" . وزاد من اعتقاد الناس هذا أنه فى العام التالى (1973) لم يعد السادات يذكر شيئاً عن المعركة ، بل قام بتسريح الكثير من المجندين وأعطى تصريحات أجازة لكثير من الضباط. ثم بعد ذلك، وبدون إنذار،  فى اكتوبر سنة 1973،  بدأ السادات هجومه، فيما أطلق عليه "حرب العبور" أو "حرب يوم كيبور".

          من الطييعى أن السادات كقائد حربى يستخدم كل وسيلة فى جعبته ليفاجئ العدو. ولكن السادات كمسلم متمسك بدينه لابد أنه كان يعلم أن الحنث فى اليمين فى تلك الظروف مباح شرعاً طبقاً للتاريخ الإسلامى وتعاليم الإسلام.

          هذا الأمر يؤيده الكثير من القصص فى حياة محمد. فهو كثيراً ما كذب وما حث أتباعه على الكذب. وكان دائماً ينادى أنه فى سبيل الإسلام  يباح للمسلم عدم مراعاة الصدق. من هذه الأمثلة قصة قتل كعب إبن الأشرف من قبيلة بنى النضير اليهودية. وصلت التقارير إلى محمد أن كعب كان يؤيد القرشيين فى معركتهم ضد محمد. بالإضافة إلى ذلك نما إلى علم محمد أن كعب كان يتلو شعراً يغازل فيه نساء المسلمين. وفى رأى محمد كان كعب قد "أذى الله والرسول". فطلب محمد متطوعين ليخلصوه من ابن الأشرف. وكان كعب وقبيلته أقوياء فى ذلك الوقت ولم يكن من السهل لغريب أن يتسلل وينفذ هذه العملية. ولكن رجلاً يُدعى محمد ابن مسلمة تطوع بأن يقوم بهذه المهمة على شرط أن يسمح له محمد بالكذب. وبناء عليه ذهب ابن مسلمة إلى كعب وجعل يذكر له قصصاُ يذم فيها محمد. وبعد أن كسب ثقة كعب استدرجه بعيداً عن بيته ليلاً إلى مكان ناء حيث قتله فى جنح الظلام.

          وهناك مثال آخر مشابه فى قصة مقتل شعبان بن خالد الهذلى. وكانت قد وصلت الأخبار إلى محمد أن شعبان يعد جيشاً لمحاربة المسلمين. فأمر محمد رجلاً اسمه عبدالله بن أنيس بقتله. ومرة أخرى طلب القاتل من النبى أن يسمح له بالكذب. فسمح له، ثم قال له أن يقول أنه من خزاعة (وهذه كذبة أخرى). وعندما رأى شعبان عبدالله قادماً سأله: "ممن الرجل؟" فرد عبدالله "من خزاعة". واستمر عبدالله يقول له "سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك" واستمر عبدالله فى السير مع شعبان يقول له ذماً فى محمد "عجباً لما أحدث محمد من هذا الدين (الإسلامى) المحدث، سب الآباء، وسفه أحلامهم". واستمر فى الحديث والمشى إلى أن وصلا إلى خيمة شعبان. ومضى رفاق شعبان إلى خيامهم، وبعد ذلك دعى شعبان عبدالله إلى داخل الخيمة ليستريح. وجلس عبدالله فى الخيمة إلى أن أحس أن الجميع قد هدأوا وناموا فأنقض على شعبان وقتله وأخذ رأسه إلى محمد. فلما وصل عبدالله إلى المدينة ورآه محمد من بعيد، صاح محمد فرحاً  "أفلح الوجه". فرد عبدالله التحية بقوله "أفلح وجهك يا رسول الله".

Sunday, March 4, 2012

تعالوا نقارن الأسد بإسرائيل!




تتأمل بعض ما يردد في منطقتنا، على كافة المستويات، حول سوريا، فتصاب بالحيرة؛ هذا يبرر، وهذا يشكك، وذاك يحاول التذاكي، فتشعر أنك أمام حالة عصية على الفهم، حالة عربية بامتياز، وهي حالة اللاحلول، أو على طريقة نبيه بري البائسة «لا غالب ولا مغلوب»، وهي ما أسميه الميوعة السياسية.


رأيناها يوم احتل صدام حسين الكويت، وفي لبنان مع أكبر العملاء حزب الله يوم افتعل حروبا لا مبرر لها، ويوم احتلاله بيروت، ويوم اخترع بدعة الثلث المعطل، حيث رأينا له مؤيدين عربا يعتبرون أنفسهم نخبا. والأمر نفسه ينطبق على حماس التي انقلبت على السلطة بالسلاح، ووجدت أيضا من يبرر لها، ويدافع عنها، علما بأننا أمام حالة فريدة، وهي انقلاب مسلح تحت الاحتلال! حالة عربية بامتياز، حالة اللاحسم، واللامنطق، ففي العراق خسر المالكي الانتخابات لكنه يحكم، وفي لبنان يطعن ابن الكتلة كتلته ليحكم فيقال لنا إننا أمام «تدوير الزوايا»! حالة عربية مترهلة، ومهزومة، تقودها النخب، ولذا فنحن من سيئ إلى أسوأ، فمن جمال عبد الناصر إلى صدام، ومن حسن نصر الله إلى بن لادن، وهذا ليس كل شيء، فديمقراطيتنا مشوهة، ومثلها جمهورياتنا، فلا هي جمهورية ولا هي ملكية، وهذا ما ينطبق على نظام الأسد، الأب والابن.


وهنا دعونا نتوقف أمام هذه الحالة الديكتاتورية الجنونية، ونقارنها بما فعلته بنا إسرائيل حديثا، وأقول حديثا لأننا نتحدث عن آخر خمس سنوات، وخصوصا حربي لبنان وغزة، حيث هب العالم لتوقف إسرائيل "عدوانها" على لبنان عام 2006، وتوقفت الحرب بعد قرابة شهرين، وراح ضحيتها ألف ومائتي لبناني، والأمر نفسه في غزة، وتقريبا بنفس عدد الضحايا، ففي كلتا الحربين هب الرأي العام العربي، وخرجت قوائم أصدقاء إسرائيل المزورة، وبتدبير من النظام الأسدي، وتاجر بعض الساسة العرب بتلك المأساة، ومن أبرزهم الأسد، لكننا لم نسمع أحدا قال، حتى الآن، لماذا حدث ما حدث؟ ولمصلحة من؟ ومن يتحمل مسؤوليتها؟ حروب ومرت!


واليوم في الحالة الأسدية، فها هم السوريون يقتلون حرقا كما نرى على شاشات التلفزيون، وعلى مدى عام كامل، وليس شهرين، وقتل منهم ما يفوق الثمانية آلاف، وهدمت قوات طاغية دمشق المساجد، وفتكت بالأطفال، ونكلت بجثثهم، ومثلهم النساء، والطاعنون في السن، فقط ليبقى الأسد في الحكم. ورغم كل ذلك نجد بيننا من يسوف، دولا، وساسة، وإعلاميين، ومؤسسات إعلامية، وكأننا، كعرب، نقول إنه إذا كان القاتل عربيا فهذا أمر يمكن تقبله، أما إذا كان إسرائيليا فلا بد أن نهب هبة رجل واحد! أمر محزن، ومخز، حين يخرج مثل حسن نصر الله، وبلا حياء، ليدافع عن الأسد!


وعليه، فإذا قارنا الأسد بإسرائيل فإننا سنكتشف حجم النفاق المستشري في منطقتنا، وأحد أهم مصادره نظام الأسد، الأب والابن، الذي عاش على كذبة المقاومة، وغيرها، ولذا فإن إحدى حسنات رحيل هذا الطاغية هي قطع دابر النفاق في منطقتنا، وأكبر رموزه هو نظام الأسد.