Monday, February 6, 2012

أنا صهيوني!


“أنت صهيوني” هذه التهمة الجاهزة و التي يستخدمها أصحاب العقول الفارغة لوصف كل من خالفهم، أو كل من رفض أن يعمل لخدمة أهدافهم الشخصية و طموحاتهم الخاصة. تهمة لا يَمَلُون من رميها يمينا و شمالاً و بشكل مستمر إلى الحد الذي أفقدها معناها، هذا إن كان لها معنى أساسا. أضف إلى ذلك، هذه الكلمة وُصف بها الكثير من المفكرين و المجددين العرب لمجرد أنهم قالوا كلمة الحق ووقفوا في وجه عشاق الدم و القتل و الانتهازيين من أصحاب المصالح الشخصية الضيقه، و هذا ما حولها إلى مدح لا شتيمة، فأكثر من يستخدمها هم العامة من ذوي الوعي المحدود ضد أناس ذوي مستوى فكري عالي و إنجازات حقيقية، و هو ما يعني أن الغرض الأساسي من هذه الكلمة كان في بدايته الذم، و لكن لم يلبث نادي “أنت صهيوني” أن بدأ يجمع كل مفكر و عبقري شذ عن الغباء السائد و الأفكار المتخلفة، و هو ما حولها إلى نوع من المدح لا الشتيمة، و لعله أمر لم يقصده من لا يجيدون سوى إطلاق هذه التهمة صبح مساء، لمجرد أنه لا أفكار لهم و لا يمكنهم حتى صياغة فكرة واحدة متكاملة.
مطلقو ذلك النوع من العبارات هم أناس لا أفكار لهم و لا يجيدون حتى اللباقة في الحديث، و يفتقدون إلى أدنى أساسيات التواصل البشري الإنساني، و هذا ما يجعل منهم مجرد صناديق معدة للسباب و الشتيمة ضد كل من خالف أفكارهم المنحرفة، و هم لا يجرؤون على أن يكون لهم رأي شخصي أو أن يسيروا خارج القطيع الذي يقادون فيه كالأنعام منذ طفولتهم، و لذلك فهم يحقدون على كل من امتلك فكره الخاص به أو صنع وجهة نظره الشخصية، وجهة نظر بناها من تحليله الشخصي للأمور و من قراءاته لأمهات الكتب و من الواقع الحياتي المُعَاش، على عكسهم هُم الذين أُملي عليهم مسار حياتهم منذ البداية و عليهم أن يسيروا فيه كالعبيد. كل افكارهم لا علاقة لها بالواقع، لأنهم دائما يعيشون في وهم أنهم الأفضل و الأروع و الأحسن، على الرغم من أن الواقع يقول أنهم يعيشون في ذيل الترتيب البشري و الإنساني، وليسوا سوى عالة على العالم و على مجتمعاتهم التي يحرصون على بقائها تسبح في بحور التخلف و الجهل المقدس.
هجماتهم تأتي دائما بشكل شخصي، فهم لا يتناولون فكرك كأي إنسان عادي يستخدم عقله ليحاور أفكارك، لا شخصك. هم دائما يتحدثون عن الشخص لا أفكاره، و ذلك لأنه ليس لهم القدرة على النقاش الفكري العقلاني كسبب أول، و السبب الثاني أن لغة الهجوم و الشتائم المبطنة هي الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه، و الأسلوب الوحيد الذي تربوا عليه، و لذلك فهم لا يعرفون سواه، إما أن تسير معهم في مسيرتهم الظلامية و التي لا علاقة لها بالواقع الذي يعيشونه، أو تصبح “صهيونياً” و “عميلاً” و “ملحداً” و غيرها من الكلمات التي يعتبرونها شتائماً، على الرغم من أن التدقيق فيها يكشف أنها أوصاف لتوجهات فكرية و سياسية يفتخر بها أصحابها الحقيقيون و لا يعتبرونها شتيمة، فالملحد لا يرى إشكالاً في أن تناديه ملحداً، و على الرغم من أنني لست ملحداً، إلا أنني لا أشعر بالسوء عندما يناديني أحد بالملحد أو المسيحي أو اليهودي، فتلك ديانات و توجهات فكرية أحترمها حتى و إن لم أتفق معها، و لذلك فشتائمهم دائما تضحكني لأنهم فاشلون في كل شيء، حتى في توجيه شتائم ذات معنى.
كان لي مواقف عديدة أين تم وصفي بتلك الصفات بشكل مباشر أو غير مباشر كمحاولة لتوجيه الإهانة لشخصي، و لعل آخرها حدث في صفحتي الشخصية على الفيسبوك، حيث نشرت أحد مقاطع الفيديو التي تظهر إجرام حماس في غزه، حيث نرى في المقطع كيف يعتدي أفراد مسلحون من حماس على شباب عُزَل أثناء عملية اعتقالهم، و معظم العنف في المقطع غير مبرر على الإطلاق، بل هو عنف جبناء يستقوون على شباب أعزل استسلم دون أي مقاومة، و مهما كان الشيء الذي ارتكبه هؤلاء الشباب، لا يوجد أي مبرر للتعدي عليهم و هم يسلمون أنفسهم دون مقاومة. جاءني تعليق على المقطع من أحد الأشخاص يقول ” هذه خرجة جديدة لم أتوقعها وتحسب عليك لا لك لأنك بهذا العمل تناصر الصهيونية.” هذا التعليق الخالي من اللياقة و الاحترام و من شخص تربطني به علاقة سطحية للغاية كان أول تعليق وصلني على المقطع، أمر مثير للدهشة فعلا! لمجرد أن حماس تدعي انها حركة “مقاومة”، و هو ادعاء لم يعد يخدع أحداً على كل حال، لمجرد ادعائها ذلك أصبح مباحا لها القيام بأي شيء، و لا يحق لأحد محاسبتها و إلا أُشهرت في وجهه سيوف التهم الجاهزة على غرار ما ورد في التعليق السابق، نعم، هذا هو مستوى تفكيرهم، و هو ما يسيرون به كمنهج لهم في الجزائر أيضا، فلمجرد أنك تدعي أنك تناصر ما يسمونه “المقاومة” يمكن لك أن تسرق و تنصب و تحتال و تقوم بكل شر، و لا يحق لأحد أن يحاسبك لأنك “مقاوم”. بئس التفكير تفكيركم، و بئس المنهج منهجكم.

No comments:

Post a Comment